" الزجاجةُ كأنها كوكب
دريٍ "

عندما نقع في الأخطاء والتي قد تصل لمستوى فادح من مسميات الآثام
والذنوب، تنتاب بعضنا نوبات هستيرية حول الزلات المميتة التي تمكنت من السيطرة على
نزواتنا لتأتي بكل وحشية وتقع !!
الأشد إيلاما هو اليقين التام بأنه إن لم يرانا أحد ولم يكن هناك
ثمة أثر لأنفاس من البشر بيننا وقت وقوع آثامنا، هو أننا نعلم أن الله محيط بنا كل
الإحاطة ويشعر بأدنى ذرة من شهيقنا وزفراتنا، فكيف بسوء ما نقع فيه لحظتها ؟؟!!
كم من المرات
التي أتعجب فيها من نفسي وأراجعها مرات ومرات، وأزيد عجبا حول مقدرتي في بساطة
ظلمها، إننا ماكثون كثيرا في ظلم أنفسنا وأرواحنا وقلوبنا ونحن لا نشعر، نحتاج
لكأس بارد جدا؛ لنضمد ظمأ ريقنا الفارغ، نعم أنا هنا أقر بنفسي قبل الغير ولن أوجه
نصائح لغيري قبل أن أتلبس شريطا نقي الجوهر ولباسا أبيضا يرجع أنفاسي لطبيعتها،
تتنفس بهدوء!
قرأت اليوم عبارة غزتني غزو المقصود، واختارت سهما ثاقبا يجرحني؛
لأستوعب وأستيقظ واستحي !!
لقد كانت " أن الشيء الذي تتركه بالمنطق، من العيب أن ترجع له
بالعاطفة "
أوليست مؤلمة ؟؟!!
جدير بنا
أن نكبر، نعم نحن أو أنا إلى الآن لم أشعر أنني كبرت على الرغم شارفت على دخول
الثلاثين من عمري، لم أشعر أنني كبرت كما كبر غيري عقلا وروحا وقلبا، بعيدا تماما
عن تلك التحديثات الفسيولوجية التي تنمو في حشاشة جسدي، لدي رغبة جامحة لأن أشعر " أنني أصبحت كما أصبح غيري مصباحا،
لا فتيلة معطلة في الصحيفة الملائكية، كجمال الكوكب الدري"
"المصباح في زجاجة، الزجاجة كأنها كوكب دري"
لجة غامضة تلك التي تعتريني في داخلي، والسلام الداخلي حري بأن
يكون له موقع في سريرتي، تنقضي السنون ونتهافت خلفها نعاتب تقصيرنا، وكان من الصحة
أن نكون مدركين أن مكاننا في الجنة لا في الأرض الآن ولا في سرمديات الدنيا، حتى
لا نظل نكرر العتابات التي لا طائل منها سوى إرضاء أنفسنا بأنه لا زال لدينا
الضمير والصحوة، ولكن أين النتيجة ؟؟!!
يكفيني
عبثا بسنوات عمري، تخطيت مليارات الثواني وأنا طفلة، لا بد أن أحترم خلايا عقلي
التي تحملت فراغات بلهاء؛ لا بد أن أسدل رأسي احتراما لها؛ تقديرا لتحملها ظلم
نفسي، نورا لا بد أن أتشبث به، احتضنه بين دفتي يديً، ثم أطلقه دربا خفيا كان أو ظاهر
العطايا، كل ما في الأمر أننا نحتاج لأن نشبع الروح وجل حياتنا جميل الفعال؛ لتسحق
بقايا آثامنا وضحالة اليم إلى عمق اليم وطهارته، نحتاج لأن نلتمس الجزاء الرباني
الذي نتجاهله تكبرا، بينما هو رحمة من الله حين نعاقب، كم من الجزاء الذي زارنا
ليوقظنا، ولكن سذاجة إمرئ تغافلت تلك الرحمات المخفية !!
فصبرا يا روحي على تلك الرزايا ولا تقعي، وصبرا يا روحي على الحق فإنك
حتما فائزة ...
"
والعصر (1) إن الإنسان لفي خسر (2) إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات
وتواصوا بالحق وتواصو بالصبر (3) "
صدق
الله العظيم